من الشائع أن يتناول الشخص طعامه مثبتا عينيه على الشاشة أمام الحاسوب أو التلفزيون أو الهاتف المحمول، ومع ذلك فإن الوجبة التي تتناولها في هذا الوضع تحرك آلية ضارة في الدماغ والجسم عموما، فما هي هذه الآلية؟
لإلقاء الضوء على هذه المسألة تحدثت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية إلى الطبيب والمعالج النفسي جيرارد أبفلدورفر الذي قال إن هذه الطريقة في تناول الطعام لا تخلو من عواقب على رفاهيتنا وصحتنا، مشيرا إلى أن الانتباه يتشتت عن متابعة الصحن وما يأكله الفرد إذا كان غارقا في العمل على الحاسوب أو يتابع برنامجا في التلفزيون أو الهاتف، وهذا هو أصل المشكلة.
وهذه المشاكل التي تنتج عن التشتيت الناجم عن تناول الطعام أمام شاشة التلفزيون أو الحاسوب أو الهاتف المحمول:
زيادة الوزن
في مقال الصحيفة الذي كتبته جوليا مقداد يوضح الطبيب النفسي أن الشاشات بجاذبيتها تمنع الأكل الواعي، أي التذوق، وبالتالي يقل الشعور بالشبع ليصبح المرء عرضة لزيادة الوزن.
أما أولغا دافيدنكو المحاضرة في سلوك الأكل فتقول إن المرء كلما أكل أكثر انخفض إدراكه للمتعة التي يوفرها الطعام، فهو يتذوق اللقمة الأولى، مما يؤدي في النهاية للشعور بالشبع، غير أن الأكل دون تركيز ودون شعور من الصعب أن يشعر صاحبه بالشبع.
ذكرى ضبابية
الوجبة التي يتم تناولها أمام الحاسوب أو التلفزيون لها تأثير على تذكر لحظة الأكل، مع أن الذاكرة تحديدا تساهم في الشعور بالشبع، في حين أن الشاشة تستولي على الحواس من خلال ما يحدث هناك وليس من خلال المساهمة الحسية في الطعام.
وتضيف أولغا دافيدنكو "بعد بضع ساعات أو حتى بضع دقائق يستبقي الدماغ فقط ذكرى ضبابية عن الوجبة، مما سيمنعه من قياس كمية الطعام الذي يتم تناولها".
وحذر المقال أيضا من المحتوى الذي يشاهده الشخص أثناء تناول الطعام، سواء كان مشهدا مفجعا أو بريدا إلكترونيا احترافيا أو صورة عنيفة، لأن للعواطف دورا في كمية الطعام الذي يتناوله المرء، إذ إن "الطعام -كما يقول جيرارد أبفلدورفر- له خصائص مهدئة لا يمكن إنكارها، وعندما تهاجم بعض المشاعر حواسنا تنشط آليات الدفاع وتدفعنا لتناول المزيد لمواجهة هذا الاضطراب".
اضطراب الهضم
وفي السياق نفسه، تقول اختصاصية التغذية لايليتيا ويليرفال إنه بكل تأكيد أن عملية الهضم تبدأ بالعينين والأنف، موضحة أن "الأكل بالحواس الخمس ضروري لضمان الهضم الجيد، لأن النظر إلى الطعام واستنشاق رائحته يسمحان بإفراز اللعاب الذي يحتوي على إنزيمات هضمية".
ومن خلال تناول الوجبة بسرعة -كما تقول الاختصاصية- يميل الشخص إلى تقليل المضغ، مما يمنع إفراز هذه الإنزيمات.
كما أن وضعية الشخص أثناء مشاهدة الشاشات تكون أكثر انحناء، مما يضغط على المعدة ويعوق عملها.